جربة

image

جربة

جربة هي جزيرة الأحلام والرقة : جربة صاحبة المناظر الطبيعية اللطيفة والأفق المنخفض والمناخ المعتدل والشواطئ الرملية البيضاء والهندسة المعمارية التقليدية العريقة، والأسطح المكعبة والقباب البيضاء النقية. جربة أرض التقاليد الألفية، جربة ترنيمة لعذوبة الحياة.

djerba

جربة: قريبا ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي:

يعود أول ذكر لجزيرة جربة إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إذ ذكرها هوميروس Homer في الأوديسة عند زيارة يوليسيس، كانت جزيرة جربة معروفة بالعديد من التسميات بما في ذلك جزيرة أكلة اللوتس.

منذ عهد الجمهوريات القرطاجية والرومانية، وبفضل موقعها الجغرافي الاستثنائي، مثلت جربة البوابة الرئيسية لشمال إفريقيا.

على مدى قرون انتظمت مدنها الرئيسية على هيئة مدن ساحلية مكتظة بالسكان كما هو الحال في أي مكان آخر من العالم . ولقد دفعت الغزوات المتتالية من الإمبراطوريات الراغبة في السيطرة على البحر الأبيض المتوسط أهل جزيرة جربة إلى الابتعاد عن الساحل للاحتماء في المناطق الداخلية للجزيرة.

وبفعل ذلك، أنشأ سكان جربة نمطًا لإعمار الأراضي يقوم على التباعد مما جعله في منتصف المسافة بين النمطين الريفي والحضري، وشكلوا الإقليم وفقًا لتقسيم للفضاء مبتكر ورائع.

وبابتعادهم عن السواحل للاستقرار في قلب الجزيرة ، تقاسم سكان جزيرة جربة الأرض تقاسما عادلا، مما سمح لكل أسرة بالحصول على مزرعة خاصة بها، تضمن لها العيش وتمكّنها من تحقيق الاكتفاء الذاتيّ.كانت هذه المزارع مستقلة ومتخفّية عن الأنظار، تنتج ثروة زراعية وحرفية وتترابط بممرات رملية وطرق ضيقة ذات طبيعة دفاعية. وقد تم تجهيزها جميعًا بالآبار وبوسائل تخزين مياه الأمطار لضمان حصاد وافر في هذه الجزيرة ذات الموارد المائية الجوفية الشحيحة.

ونظرا لنظام حيازة الأرض ، كانت الأحياء "الحومة" (جمعها حوم) نقاط التقاء أهالي جربة، والحوم هي مجموعات متقاربة من الأحياء تشتمل على أماكن العبادة واللقاءات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع الجربي.

صنع هذا النظام من جزيرة جربة حديقة ذات مشاهد حضرية متنوعة، وزعت فيها الثروة توزيعا عادلا بين العائلات التي استقرت هناك. وكانت غارات العدوّ محكوما عليها بالفشل بطبيعة المتاهة التي عليها نظام الطرق الرابطة بين المنازل. جعل هذا الأمان النسبي من جزيرة جربة ملاذًا مثاليًّا لجميع الأقليات المضطهدة ، سواء أكانت قادمة من أوروبا أو من الشرق.

img
femme

يفسّر موقع جزيرة جربة الجغرافي، غير البعيد عن البر والمحمي بما يكفي لتكون في مأمن من الغزوات، دور الجزيرة الملجأ الذي لعبته جربة طوال تاريخها.

فقد آوت اليهود الهاربين بعد تدمير هيكل سليمان. وفيها عاش المسيحيون الكاثوليك والأرثوذكس في وئام مع الطوائف الأخرى، كما تشهد بذلك كنيستا حومة السوق. أما فيما يخصّ المسلمين، فإن جربة كانت أيضًا ملجأ للإباضية، وهي أقلية مذهبية مسلمة.

تعيش في جربة جالية يهودية كبيرة منذ قرون، وتمارس شعائرها في وئام تامّ مع الأغلبية المسلمة.

ويشهد على هذا وجود عدد كبير من المعابد أشهرها "الغريبة"، أقدم كنيس يهودي في إفريقيا ومزار حجّ سنوي لليهود من جميع أنحاء العالم. ووفقًا للأسطورة، يعود تاريخ بناء هذا الكنيس إلى عام 585 قبل الميلاد. ويحتوي على حجر تم جلبه من هيكل سليمان ويضمّ إحدى أقدم نسخ التوراة.

تعود جذور الحرف اليدوية في المنطقة إلى حقب تاريخية متعددة لحضارات حوض البحر الأبيض المتوسط.

ففي قلاّلة، ظلّ الخزاف يحافظ على الأشكال نفسها لعدة قرون.

بينما يرجع نساجو البطانيات الجربية الشهيرة في حومة السوق صناعتهم إلى زمن حنبعل.

ما تزال معاصر الزيوت القائمة تحت الأرض في مينينكس وورش حياكة الحصر في فاتو وصناعة السلال في مليتة وأجيم تحتفظ بخبرة ثمينة متوارثة عن الأسلاف.

يصنع حرفيّو المجوهرات في حومة السوق قطعهم بمنتهى الدقة والإتقان يعبرون فيها عن متخيّل أهل جربة الحميم وعن طموحهم الإبداعي الخلاق.

يشتهر المشهد المعماري للجزيرة ببساطته واصالته وبخصائص نحتية فضلا عن اللون الأبيض الموحد الذي يميزه. حيث يتلاعب الضوء بالأحجام ويتسرب عبر النسيج الخشن لمغلفاتها البيضاء المشكلة يدويًا.

تعتبر الفضاءات الجربية نموذجية في تواضعها وبساطتها، لكن هذه الخاصية لا تستبعد نماذج الزينة الفريدة والمتنوعة للغاية.

"الحوش" هو المسكن نفسه وهو كذلك المكون الأساسي في المنزل الجربي، مبني على هيئة المسكن المتوسطي المعروف بفنائه والمحصن "بأبراجه" المربعة التي هي غرفه.

أغلب المعالم التاريخية في الجزيرة هي مبان دينية، من المساجد والكنائس والمعابد اليهودية. كما تضم الجزيرة مجموعة من الحصون والأبراج أشهرها برج الغازي مصطفى أو البرج الكبير.

من بين المعالم التاريخية الأخرى ذات الطبيعة الاقتصادية، يمكن أن نذكر عددًا قليلاً من ورش النسيج ومعاصر الزيت تحت الأرض.

Djerba mosquée

تتميّز جربة بتعدّد مساجدها:

  • مسجد الترك:

    يقع وسط حومة السوق، وهو مسجد حنفي يرجع تاريخه وفقًا لبعض المصادر التاريخية إلى نهاية القرن السادس عشر. يتميز مسجد الترك بعمارته العثمانية.

  • مسجد الغرباء:

    ويسميه أهل جربة جامع غربة، يقع في وسط حومة السوق. كان في الأصل مدرسة إباضية تسمى توزين وتعود إلى القرن الخامس عشر. منذ القرن التاسع عشر أصبح مسجدا مالكيّا، ومن هنا جاء اسم الغرباء الذي أطلق على الأجانب المالكيين القادمين للاستقرار في الجزيرة، وقد عرف المسجد بعض التعديلات.

  • مسجد الوطا:

    معلم صغير تحت الأرض يقع في الريف وسط غابة من أشجار الزيتون غير بعيدة عن الطريق بين المحبوبين والقنطرة. لا يرى منه سوى قبتين ومدخل مقبب من الخارج، والباقي تحت الأرض بالكامل. إنه مصلّىً إباضي أصلي، ذو مكوّن دفاعي ظاهر وهو مالكي حاليًا. يعود تاريخه إلى ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر ميلادي.