تونس في منظمة الفرنكوفونية

image

تونس شريك أساسي في منظمة الفرنكوفونية:

إن تونس المتجذرة في هويتها المتعددة: المغاربية، والعربية الإسلامية، والإفريقية، والمتوسطية والأممية ظلت على مدى القرون بلدا منفتحا، متسامحا، باحثا عن فضاءات جديدة للتعاون، مقيما علاقاته مع سائر البلدان على أساس من التعاون والشراكة بما يخدم مصالح الشعب التونسي ويعود بالخير على الإنسانية جمعاء.

ولما كانت تونس بلدا مؤسسا للفرنكوفونية ، مع السينغال، والنيجر، وكمبوديا، وعضوا ناشطا في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، فإنها أولت على الدوام بناء المشروع الفرنكوفوني اهتماما موصولا ، باعتباره أداة لتمتين روابط الصداقة، والتضامن، والتعاون بين أعضائه.

وهو اهتمام أملاه الوعي بضرورة التوصل جماعيا وفي توافق إلى رفع التحديات وفتح آفاق جديدة في بناء علاقاتنا الإقليمية والدولية على السواء، في كنف التضامن والترابط الذين يميزان الفضاء الفرنكوفوني منذ نشأته، في وقت يشهد فيه النظام المتعدد الأطراف عددا من الصعوبات والعراقيل.

 

وتمثل الفرنكوفونية اليوم إطارا ملائما لإثراء الموروث الثقافي والحضاري لبلادنا وأداة ناجعة لتعميق علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية مع مختلف دول العالم وتوسيعها. إن تونس التي تتمتع بموروث غزير متعدد الثقافات، وبتاريخ يعود إلى ثلاثة آلاف عام، حرصت منذ البداية على الاضطلاع بدورها كاملا في إطار الفضاء الفرنكوفوني. وفي هذا الصدد، من المهم أن نذكّر بأن الروابط بين تونس والعالم الفرنكوفوني تعود إلى فترة متقدمة في التاريخ، في عهد حكم البايات، وذلك قبل أن تدخل البلاد تحت الحماية الفرنسية سنة 1881 بزمن طويل.

ونتيجة لهذه الأسباب وغيرها، حظيت تونس بتشريف نظيراتها من البلدان الفرنكوفونية، إبّان القمة الفرنكوفونية السادسة عشرة التي عُقدت بأنتاناناريفو في شهر نوفمبر 2016، بشرف احتضان القمةَ الفرنكوفونية الثامنة عشرة ، يومي 19 و20 نوفمبر 2022 بجزيرة جربة ، والاحتفالَ بالمناسبة ذاتها بالذكرى الخمسين لإنشاء الفرنكوفونية المؤسسية. وفي هذا السياق يجدر بنا أن نؤكد حرص تونس والتزامها بتوفير كافة أسباب النجاح لهذه القمة على صعيدي التنظيم والمحتوى.

وتسعى تونس إلى أن تكون هذه القمة التي تنعقد لأول مرة خارج عاصمتها منعطفا في تاريخ الفرنكوفونية وقفزة نوعية في المشروع الفرنكوفوني، لما ستتناوله على جدول أعمالها من مواضيع تستجيب لمتطلبات شعوبنا ولتطلعاتها إلى التنمية والتشغيل والرخاء.

تبادل مستمرّ للزيارات:

  • لقد أولت تونس في مختلف مراحل تاريخها أهمية بالغة للتعاون مع المنظمة الدولية للفرنكوفونية. وهي أهمية تتجلى في الاتصالات واللقاءات المتعددة في مستويات مختلفة مع مسؤوليها وخصوصا مع السيدة لويز موشيكيوابو، الأمينة العامة الجديدة للمنظمة الفرنكوفونية، التي أدت زيارات إلى تونس في مناسبات كثيرة حظيت خلالها بلقاء سيادة رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد.
  • وفي الآونة الأخيرة، التقى الرئيس قيس سعيد السيدة لويز موشيكيوابو يوم 17 فيفري 2022. وتركز اللقاء خاصة على الاستعدادات للقمة الفرنكوفونية الثامنة عشرة التي ستنعقد بجربة وأهمية التنسيق بين تونس والمنظمة الدولية للفرنكوفونية لضمان ظروف النجاح لهذا الحدث المهمّ.

حضور مميز لتونس في صلب هيئات الفرنكوفونية:

اعتبارا لاستضافة تونس للقمة الفرنكوفونية القادمة، فهي تضطلع حاليا برئاسة المؤتمر الوزاري للفرنكوفونية في شخص السيد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.

كما تشترك مع كندا كيبيك في رئاسة اللجنة التحضيرية المكلفة بإعداد الإستراتيجية الاقتصادية للمنظمة الدولية للفرنكوفونية في الفترة الممتدة بين سنتي 2020 و2025، وقد تم إقرارها خلال هذا المؤتمر.

تشارك تونس بصورة منتظمة في الاجتماعات، واللقاءات، والتظاهرات، والأنشطة التي تنظَّم في إطار أشغال المؤتمرين الوزاريين الدائمين للفرنكوفونية، وهما مؤتمر وزراء التربية ومؤتمر وزراء الشباب والرياضة.

وعلاوة على ذلك، فإن وزارة تكنولوجيا الاتصال أعطت موافقتها على المقترح الذي تقدمت به الأمينة العامة والمتعلق بالتنظيم المتزامن بين تونس والبينين والمنظمة الدولية للفرنكوفونية لاجتماع مقبل للوزراء المسؤولين عن الرقمي.

إن تونس، شأنها شأن البلدان التي حظيت باحتضان المكاتب الجهوية للمنظمة الدولية للفرنكوفونية، مثل الغابون، ومدغشقر، وهايتي، ورومانيا، والطوغو، وفيتنام، وقع عليها الاختيار إبان القمة السادسة عشرة للفرنكوفونية المنعقدة بإيريفان - أرمينيا - في شهر أكتوبر 2018، لاحتضان المكتب الجهوي للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لشمال إفريقيا. وفي هذا الصدد، تم في 15 أفريل 2019 توقيع "اتفاق يتعلق بإقامة مكتب جهوي للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لشمال إفريقيا بتونس" بين الحكومة التونسية والمنظمة الدولية للفرنكوفونية، وأُقِرَّ بموجب القانون الأساسي عدد 31 لسنة 2020 المؤرخ في 14 جويلية 2020.

وقد أدى السيد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والسيدة الأمينة العامة للمنظمة الفرنكوفونية زيارة إلى مقرّ المكتب الجهوي يوم 18 ديسمبر 2020.

وفي يوم 16 مارس 2021 تلقى السيد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج أوراق اعتماد السيدة حواء أصيل، مديرة المكتب الجهوي الجديد للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لشمال إفريقيا مقره تونس.

إن التعاون بين تونس والمنظمة الدولية للفرنكوفونية مكثّف ومتنوع. ومع توسيع صلاحيات المنظمة وتعزيز إمكانياتها البشرية والمالية، اتسع تدخلها ليشمل مجالات جديدة منها على الخصوص المجالات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى صلاحياتها الأصلية المتعلقة بقطاعات التربية، والثقافة، والعلم.

وتشمل مجالات التعاون بين تونس والمنظمة الدولية للفرنكوفونية المواضيع الرئيسية التالية:

  • السياسة:

أوفدت المنظمة الدولية للفرنكوفونية ملاحظين إلى المواعيد الانتخابية الأخيرة. كما أن تونس عضو في الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية، وهي تشارك في اجتماعاتها بصورة منتظمة.

ومن جهة أخرى، فإن الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري منظمتان شريكتان للمنظمة الدولية للفرنكوفونية في الميادين المتعلقة بمجال اختصاصهما.

  • الثقافة:
  • السينما: قام صندوق الصورة التابع لمنظمة الفرنكوفونية بتمويل كامل أو مشترك لإنتاج عدد كبير من الأفلام التونسية، مسهما بذلك في النهوض بالسينما التونسية التي نالت في مناسبات كثيرة خلال السنوات الأخيرة عددا كبيرا من الجوائز، وقد كان أحدث الأفلام وهو "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية قد اختير ضمن قائمة مهرجان البندقية، ورُشِّح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي في دورة سنة 2021. كما قدمت منظمة الفرنكوفونية دعمها المالي لتظاهرة "نوافذ على السينما التونسية" التي انتظمت بباريس في شهر ديسمبر 2018.
  • المساعدة على مشاركة فنانين شبان ومحترفين في مهرجان Francophonie métissée (24 سبتمبر – 9 أكتوبر 2020) الذي نظمه بباريس مركز والونيا – بروكسل على شرف تونس من خلال برمجة امتزج فيها الرقص والأدب والموسيقى والسينما.
  • المساعدة على تنظيم الدورة الثانية من المهرجان الدولي للقصص المصوَّرة الذي أقيم بسوسة في الفترة الممتدة من 31 مارس إلى 3 أفريل 2022.
  • التعليم العالي:

انتُخِب السيد سليم خلبوس، وزير التعليم العالي السابق، سنة 2019 على رأس جامعة الوكالة الجامعية الفرنكوفونية، التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم العالي، وضمان تشغيلية حاملي الشهائد الفرنكوفونيين، وتعزيز إسهام الجامعات في التنمية الشاملة والمحلية. وتشارك تونس مشاركة فاعلة في أعمال الوكالة الجامعية الفرنكوفونية وفي مشاريعها من قبيل الحاضنة الفرنكوفونية الإفريقية، التي تعمل على دعم المشاريع المجددة التي تستجيب لحاجيات اجتماعية أو بيئية في القارة الإفريقية.

  • صندوق "الفرنكوفونية معهنّ":

موّلت لجنة التصرف في الصندوق الفرنكوفوني مشروعين في تونس، أنجزتهما منظمتان غير حكوميتين فرنسيتين، هما: مؤسسة "الوقوف ضد الإقصاء" و"الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء المهاجرات أصيلات إفريقيا جنوب الصحراء".

  • تكوين المدرِّسين الشبان:

شارك مدرسون تونسيون شبانٌ للفرنسية لغة أجنبية في آلية التكوين عن بعد "مدرسون شبان مبتدئون في العمل" التي تتواصل دورتها السادسة إلى شهر مارس 2021.

وهذه الآلية التي اعتمدتها المنظمة الدولية للفرنكوفونية من خلال معهد الفرنكوفونية للتربية والتكوين، تزوّد منذ سنة 2015 عددا من المدرسين الشبان للفرنسية لغة أجنبية بالكفايات الضرورية لممارسة مهنتهم.

  • البيئة:

في إطار التعاون مع أمانة الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية وحوارات من أجل المناخ 2020، نظم معهد الفرنكوفونية للتنمية المستدامة، التابع للمنظمة الدولية للفرنكوفونية، في شهر ديسمبر 2020، برئاسة تونس وبمشاركة أكثر من 50 مفاوضا فرنكوفونيا، حوارا حول الرهانات ذات الأولوية ومكانة الفرنسية في المفاوضات الهادفة إلى تسريع تنفيذ اتفاقية باريس.

تمثل الجمعية الدولية لرؤساء البلديات الفرنكوفونية، التي أسست سنة 1979، الشبكة العالمية للمنتخبين المحليين الفرنكوفونيين وجمعياتهم. وهي تهدف أساسا إلى حشد الجهود، وتشجيع السياسات الطموحة والمسؤولة لخدمة حياة حضرية أكثر احتراما للإنسان، وللبيئة وللأحياء، والتوجيه الجماعي لمشاريع ترسم آفاقا جديدة للعيش المشترك، وللمساواة بين النساء والرجال، وللتنوع.

وقد مولت الجمعية الدولية لرؤساء البلديات الفرنكوفونية مؤخرا إعادة تأهيل مركز الصحة البلدي بتونس.

وفي إطار مشروع تعزيز القدرات الفرنكوفونية لمجلس الأمن، وضعت المنظمة الدولية للفرنكوفونية على ذمة البعثات الدائمة، متطوعا دوليا للفرنكوفونية.

وفي خصوص حضور الكفاءات التونسية في صلب أمانة المنظمة والمؤسسات، تجدر الإشارة أن السيد سليم خلبوس يضطلع بوظائف رئيس جامعة الوكالة الجامعية الفرنكوفونية في حين سُمِّي السيد مراد بن ذياب، رئيسا لديوان الأمينة العامة للمنظمة الفرنكوفونية.